18 - 07 - 2024

عجايب غراب ابيض | الحرب على بطاقات التموين

عجايب غراب ابيض | الحرب على بطاقات التموين

يتوحش الفقر في مصر، وتتجلى مظاهره واقعا حاضرا تصدمك في كل مكان. وكأننا انتقلنا من شعار "طه حسين" عام  1950"التعليم  كالماءوالهواء" البعيد المنال اليوم إلى "الفقر كالماء والهواء". ولم تجد مفرا هيئة رسمية كالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، تعين السلطة التنفيذية رئيسها وتجدد له في منصبه، من  الإقرار بارتفاع نسبه الفقر في مصر. بل وبأنه في ظل غلاء غير مسبوق، انخفض متوسط الأجر الأسبوعي للعاملين في القطاعات (العام و والأعمال العام والخاص) من 1283 جنيها لعام 2019 إلى 942 من الجنيهات لعام 2021.

أي لا معقول يعانيه معظم المصريين اليوم ، وخصوصا مع انخفاض قيمة الجنيه للنصف و أكثر، وما أصبح ملحوظا من تزايد الفجوة بين أغنياء العاملين بالقمة وبين الفقراء عند القاعدة الواسعة. وتفيد معطيات الرسم البياني نفسه المنشور بموقع الجهاز بأن الثلاثة أعوام التالية مباشرة لثورة يناير 2011 شهدت قفزة في متوسط هذه الأجور من 534 إلى 761 جنيها، وكان سعر الدولار وقتها بين 6 وأقل من  7 جنيهات، واليوم تجاوز 30 جنيها.

توصى وثائق صندوق النقد الدولي عن اتفاقه الأخير مع الحكومة المصرية الحكومة "خيرا" بما يسمى "برامج الحماية الاجتماعية" لمن ستزيد حياتهم معاناة وجحيما. لكن كيف لنا انتظار الرحمة من الداخل أو الخارج ونحن نشهد مؤخرا موجة جديدة لاستبعاد المزيد من حملة بطاقات التموين. وهذه المرة بألاعيب غير مباشرة أو معلنة كالامتناع عن تفعيل البطاقات الإلكترونية وتعطيلها لشهور ممتدة. وبالأصل أي جنون في أن يزيد الفقر والفقراء وتنخفض أعداد بطاقات التموين.

 اعتبارا من عام 2014 عرفت مصر، وللمرة الأولى منذ العمل ببطاقات التموين خلال الحرب العالمية الثانية، خطابا رسميا ومن أعلى سلطة يفتخر باستبعاد الملايين من استحقاق بطاقات التموين، وذلك بالمجاهرة بدعاوى ومبررات على غرار أفكار "مالتوس" الفاشية الإبادية. والحرب المستمرة على "بطاقات التموين" وماتبقى من دعم، مع أنهما لم يعودا حلا يخفف تفاقم الفقر، ليست إلا إحدى جبهات الحرب على الفقراء والشعب.

ومن الحقائق المرة جراء هذه السنوات القاسيات، أن المزيد من ملايين المصريين سقطوا إلى تحت خط الفقر المدقع بالمعايير الدولية، أي إنفاق أقل من 2,15 دولار/ نحو 70 جنيها في اليوم للفرد الواحد. وإذا استمر الحال ينتظرنا الأسوأ والأخطر. 

وعجايب !
--------------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | كوباية شاي وشقة طعمية